«ابتهال» قصيدة للشاعر الدكتور محمود خليل

الشاعر الدكتور محمود خليل
الشاعر الدكتور محمود خليل

يا رب عبد  أتى   لله   يبتهلُ

  لا يحتمي بالتقى أو يشفع العمل

يا من يرى عبده والذنب يخجله

 وكل يوم  به  يستفحل الخجل

والأرض من حوله تنداحُ تائهة

 وتحت أقدامه الخذلان والوجل

وكلما أبصرت عيناه بارقة

 يغتاله الكرب، أو تودي به العلل

والأفق في عينه سم الخياط وما

 يجديه وهْمٌ به، قد هدّه الملل

يمشي كأن به من فرط لوعته

 مس من الجن، أو أزرى به الخبل

وعمره قد مضى والخزي في يده

والدمع من حسرةٍ ، جاشت به المقل

واضيعتا من غوى في تيه نهمته

 وجرحه في الحشا ما عاد يندمل

أغراه كل الذي يلقاه من نعم

 والفضل من ربه، بالستر يشتمل

وميعةٌ في الصبا ، ثم الشباب له

  نار تأجج ، والأهواء تشتعل

والله مدّ له  ، في حبل رحمته

 وكل صبحٍ له... يقتادُه  الزلل

حتى غدا غارقًا ، في بحر مأثمه

 كيف النجاة له .. أو كيف يغتسل

شطآنه مالها حدٌ  ولا أمدٌ

  وموجه ،  بالهوى والبغي يقتتل

دارت به الأرض، لا تسعى به قدم

 ولذعة البؤس ،  قد ضاقت بها السبل

وحوّمَت نفسُه ، في كل ناحية

 وكلما أشرقت ، يهوِى بها ثِقَل

وأنت أنت الذي سويت طينتها

 وأنت أدرى بها ،  أيّان تتصل

وشأنك العفو، يا من ليس يعجزه

  عبدٌ لباب الرضا ، في الله يمتثل

فامنن عليه ،  بما قدّرته أزلاً 

فالعبد يجري به التدبير والأزل

أنت الحسيب الذي ما خاب سائله

  والتوب زاد الذي يرجوك ، والأمل

ومُنْيَةُ الروح ، أن يرتاح طائرها

 يشدو بها الحب ، والتطريب والزجل

ويهنأ القلب ، والأكوان شاهدة

 وعينه ، بالندى والنور تكتحل

مثابة الشوق ،  كم  يغني معذبُهُا

 يرودُه  القلبُ والإقبال والغزل

ويشهدُ اللهَ ، أن الحب٠٠ أولُهُ  ،

 وأخرُ الحبِ ، فوق الغيب يكتمل

ويورق الفجر من دهماء ظلمته

  إذْ آب من تيهه،  واخضوضر الأجل

والحمد لله ٠٠عينُ الحمدِ٠٠ نبعَتُها

 حلاوةُ الحمد ، والجنّاتُ والظلل